نداء رب الجنود
هذه سورة الهيكل قد جعلها الله مرآت اسمآئه بين السّموات و الأرض و جعلها آية ذكره بين العالمين
هو الأبدع الأبهی
سبحان الّذی نزّل الآيات لقوم يفقهون سبحان الّذی ينزّل الآيات لقوم يشعرون سبحان الّذی يهدی من يشآء الی صراطه قل انّی لصراط اللّه لمن فی السّموات و الأرض طوبی لقوم يسرعون سبحان الّذی ينزّل الآيات لقوم يعلمون سبحان الّذی ينطق من جبروت الأمر و لا يعرفه الاّ عباد مكرمون سبحان الّذی يحيی من يشآء بقوله كن فيكون سبحان الّذی يرفع من يشآء الی سمآء الفضل و ينزل منها ما اراد علی قدر مقدور تبارك الّذی يفعل ما يشآء بأمر من عنده انّه هو الحقّ علاّم الغيوب تبارك الّذی يلهم من يشآء ما اراد بأمره المبرم المكنون تبارك الّذی ينصر من يشآء بجنود الغيب انّه هو الفاعل لما اراد و هو العزيز القيوم تبارك الّذی يعزّ من يشآء بسلطان عزّه و يؤيد من يشآء كيف اراد طوبی لقوم يعرفون تبارك الّذی قدّر لكلّ شیء مقداراً فی لوح مخزون تبارك الّذی نزّل علی عبده ما تستضیء به الأفئدة و العقول تبارك الّذی نزّل علی عبده من البلآء ما احترقت به اكباد الّذين استقرّوا فی سرادق البقآء ثمّ قلوب المقرّبين تبارك الّذی نزّل علی عبده من سحاب القضآء سهام البلآء و يرانی فی صبر جميل تبارك الّذی قدّر لعبده ما لا قدّره لأحد من عباده انّه هو الفرد العزيز القيوم تبارك الّذی نزّل علی عبده من غمام البغضآء من اولی الاغضآء رماح القضآء و يراه فی شكر عظيم تبارك الّذی نزّل علی عبده ثقل السّموات و الأرض انّا نحمده فی ذلك و لا يعرفه الاّ العارفون سبحان الّذی اودع جماله تحت مخالب الغلّ من اولی الفحشآء انّا نرضی بذلك و لا يدركه الاّ المدركون سبحان الّذی اودع الحسين بين الأحزاب من الأعدآء و يرد فی كلّ حين علی جسده رماح القهر و البغضآء انّا نشكره علی ما قضی علی عبده المنيب المغموم فلمّا رأيت نفسی علی قطب البلآء سمعت الصّوت الابدع الاحلی من فوق رأسی فلمّا توجّهت شاهدت حوريّة ذكر اسم ربّی معلّقة فی الهوآء امام الرّأس و رأيت انّها مستبشرة فی نفسها كانّ طراز الرّضوان يظهر من وجهها و نضرة الرّحمن من خدّها و كانت تنطق بين السّموات و الارض بندآء تنجذب منه الافئدة و العقول و تبشّر كلّ الجوارح من ظاهری و باطنی ببشارة استبشرت بها نفسی و عباد مكرمون و اشارت باصبعها الی رأسی و خاطبت من فی السّموات و الارض تاللّه هذا لمحبوب العالمين ولكن انتم لا تفقهون هذا جمال اللّه بينكم و سلطانه فيكم ان كنتم تعرفون و هذا سرّ اللّه و كنزه و امر اللّه و عزّه لمن فی ملكوت الأمر و الخلق ان كنتم تعقلون هذا هو الّذی يشتاق لقائه من فی جبروت البقآء و الّذين اتّخذوا مقاماً فی سرادق الأبهی و انتم عن جماله معرضون
ص ۱
يا ملأ البيان انتم ان لن تنصروه سوف ينصره اللّه بجنود السّموات و الأرض و جنود الغيب بأمره كن فيكون و يبعث بارادته خلقاً ما اطّلع عليهم احد الاّ نفسه المهيمن القيوم و يطهّرهم عن دنس الوهم و الهوی و يرفعهم الی مقام التّقديس و يظهر منهم آثار عزّ سلطانه فی الأرض كذلك قدّر من لدی اللّه العزيز الودود يا ملأ البيان أ تكفرون بالّذی خلقتم للقائه و فی مقاعدكم تفرحون و تعترضون علی الّذی شعرة منه خير عند اللّه ممّن فی السّموات و الأرض و به تستهزئون يا ملأ البيان فأتوا بما عندكم لأعرف بأیّ حجّة آمنتم بمظاهر الأمر من قبل و اليوم بأیّ برهان تستكبرون والّذی خلقنی من نور جماله ما وجدت غافلاً اغفل منكم و جاهلاً اجهل منكم تستدلّون لايمانكم باللّه بما عندكم من الألواح فلمّا نزّلت الآيات و اضآء المصباح كفرتم بالّذی من قلمه قضيت الأمور فی لوح محفوظ تقرئون الآيات و تكفرون بمطلعها و منزلها كذلك اخذ اللّه ابصاركم جزآء اعمالكم ان كنتم تشعرون و تكتبون الآيات فی العشی و الاشراق و عن منزلها انتم محتجبون و اليوم يراكم الملأ الأعلی فی سوء اعمالكم و يتبرّئنّ منكم و انتم لا تسمعون و يسئل بعضهم بعضاً ما يقول هؤلآء الجهلآء و فی ایّ واد هم يرتعون أ ينكرون ما تشهد به ذواتهم أ يغمضون عيونهم و هم ينظرون تاللّه يا قوم بأفعالكم تحيّر سكان مدائن الأسمآء و انتم فی الواد الجرز هائمون و لا تشعرون
يا قلم الأعلی اسمع ندآء ربّك من سدرة المنتهی فی البقعة الأحدية النّورآء لتجد نفسك علی روح و ريحان من نغمات ربّك الرّحمن و تكون مقدّساً عن الأحزان من هذه النّفحات الّتی تضوّعت من شطر اسمی الغفور ثمّ ابتعث من هذا الهيكل الهياكل الأحدية ليحكوا فی ملكوت الانشآء عن ربّهم العلیّ الأبهی و يكوننّ من الّذينهم بأنوار ربّهم يستضيئون انّا قدّرنا هذا الهيكل مبدء الوجود فی الخلق البديع ليوقن كلّ بأنّی اكون مقتدراً علی ما اشآء بقولی كن فيكون و فی ظلّ كلّ حرف من حروفات هذا الهيكل نبعث خلقاً لا يعلم عدّتهم الاّ اللّه المهيمن القيوم سوف يخلق اللّه منه خلقاً لا تحجبهم اشارات الّذينهم بغوا علی اللّه و هم يشربون فی كلّ الأحيان كوثر الحيوان الا انّهم هم الفائزون اولئك عباد استقرّوا فی ظلّ رحمة ربّهم و ما منعهم المانعون يری فی وجوههم نضرة الرّحمن و يسمع من قلوبهم ذكر اسمی العزيز المكنون اولئك لو تفتح شفواتهم فی تسبيح ربّهم يسبّح معهم من فی السّموات و الأرض و قليل من النّاس ما هم يسمعون و اذا يذكرون بارئهم يذكر معهم الأشيآء كذلك فضّلهم اللّه علی الخلق ولكنّ النّاس لا يعلمون يتحرّكون حول امر اللّه كما يتحرّك الظّلّ حول الشّمس افتحوا الأبصار يا ملأ البيان لعلّكم تشهدون و بحركة هؤلآء يتحرّك كلّ شیء و بسكونهم يسكن كلّ الأشيآء ان كنتم توقنون بهم اقبل الموحّدون الی قبلة الآفاق و ظهرت السّكينة و الوقار بين الأخيار ان كنتم تعلمون و بهم استقرّت الأرض و امطر السّحاب و نزلت مائدة العرفان من سمآء الفضل ان كنتم تفقهون اولئك حفظة امر اللّه فی الأرض يحفظون جمال الأمر من عجاج الأوهام و الظّنون و لا يخافون من انفسهم فی سبيل اللّه بل ينفقونها رجآء للقآء المحبوب اذ ظهر بهذا الاسم المقتدر القادر العزيز القدّوس
ص ۲
يا هذا الهيكل قم بنفسك بشأن تقوم بقيامك الممكنات ثمّ انصر ربّك بما اعطيناك من القدرة و الاقتدار اياك ان تجزع فی يوم تجزع فيه الأشيآء كن مظهر اسمی المهيمن القيوم انصر ربّك بما استطعت و لا تنظر الخلق و ما يخرج من افواههم الاّ كندآء بعوضة فی واد ما حدّد بالحدود اشرب كوثر الحيوان باسمی الرّحمن ثمّ اسق المقرّبين من اهل هذا المقام ما ينقطعون به عن الأسمآء و يدخلهم فی هذا الظّلّ المبارك الممدود
يا هذا الهيكل انّا حشرنا بك كلّ الأشيآء و ما خلق فی الأرض و السّمآء و سئلناهم ما اخذنا به عنهم العهد فی ذرّ البقآء اذاً وجدنا اكثرهم كليل اللّسان شاخصة الأبصار و قليلاً ناضر الوجه طلق اللّسان و بعثنا من هؤلآء خلق ما كان و ما يكون اولئك كرّم اللّه وجوههم عن التّوجّه الی وجوه المشركين و اسكنهم فی ظلّ سدرة نفسه و انزل عليهم سكينة من عنده و ايّدهم بجنود الغيب و الشّهود
يا عين هذا الهيكل لا تلتفتی الی السّمآء و ما فيها و لا الی الأرض و من عليها انّا خلقناك لجمالی ها هو هذا انظری كيف شئت و لا تمنعی لحاظك عن جمال ربّك العزيز المحبوب سوف نبعث بك عيوناً حديدةً و ابصاراً ناظرةً يرون بها آيات بارئهم و يحوّلنّ النّظر عن كلّ ما ادركه المدركون و بك نعطی قوّة البصر لمن نشآء و نأخذ الّذين منعوا عن هذا الفضل الا انّهم من كأس الوهم يكرعون و لا يفقهون
يا سمع هذا الهيكل طهّر نفسك عن نعيق كلّ ناعقٍ مردود ثمّ اسمع ندآء ربّك انّه يوحی اليك من جهة العرش انّه لا اله الاّ انا العزيز المقتدر المهيمن القيوم سوف نبعث بك آذاناً مطهّرةً لاصغآء كلمة اللّه و ما ظهر من مطلع بيان ربّك الرّحمن الا انّها تجد ترنّمات الوحی من هذا الشّطر المبارك المحمود
يا لسان هذا الهيكل انّا خلقناك باسمی الرّحمن و علّمناك ما كنز فی البيان و انطقناك لذكری العظيم فی اﻻمكان انطق بهذا الذّكر العزيز البديع و لا تخف من مظاهر الشّيطان انّك خلقت لذلك بأمری المهيمن القيوم بك انطقنا اللّسان بالبيان فيما كان و نُنطق بسلطانی فيما يكون بك نبعث السناً ناطقةً تتحرّك بالثّنآء فی الملأ الأعلی و بين ملأ الانشآء كذلك نزّلت الآيات و قضی الأمر من لدن مالك الأسمآء و الصّفات انّ ربّك هو الحقّ علاّم الغيوب انّها لا يمنعها شیء عن ثنآء بارئها بها تقوم الأشيآء علی ذكر مالك الأسمآء انّه لا اله الاّ انا المقتدر العزيز المحبوب لا تنطق السن الذّاكرين الاّ و يمدّها هذا اللّسان من هذا المقام و قليل من النّاس ما هم يعرفون ان من لسان الاّ و قد يسبّح ربّه و ينطق بذكره من النّاس من يفقه و يذكر و منهم من يذكرون و لا يفقهون
ص ۳
يا حوريّة المعانی اخرجی من غرفات الكلمات باذن اللّه مالك الأرضين و السّموات ثمّ اظهری بطراز اللاّهوت و اسقی خمر الجبروت بأنامل الياقوت لعلّ اهل النّاسوت يطّلعنّ علی ما اشرق من افق الملكوت بظهور شمس البقآء من افق البهآء و يقومنّ علی الثّنآء بين الأرض و السّمآء فی ذكر هذا الفتی الّذی استقرّ علی عرش اسمه المستعان فی قطب الجنان و ظهرت فی وجهه نضرة الرّحمن و عن لحظه لحاظ السّبحان و من شئونه شئونات اللّه المهيمن العزيز الودود و ان لن تجدی احداً ان يأخذ من اليد البيضآء الخمر الحمرآء باسم ربّك العلیّ الأعلی الّذی ظهر مرّةً بعد اولی باسمه الأبهی لا تحزنی دعی هؤلآء بأنفسهم ثمّ ارجعی الی سرادق العظمة و الكبريآء اذاً تجدی قوماً تضیء وجوههم كالشّمس فی وسط الزّوال و هم يهلّلون و يسبّحون ربّهم بهذا الاسم الّذی قام علی مقرّ الاستقلال بسلطان العزّة و الجلال انّك لن تسمعی منهم الاّ ذكری و ثنائی انّ ربّك شهيد علی ما اقول و ما اطّلع علی هؤلآء احد من الّذين خلقوا من كلمة اللّه فی ازل الآزال كذلك فصّلنا لك الأمر و صرّفنا الآيات لعلّ النّاس فی آثار ربّهم يتفكرون انّهم ما اُمروا بسجدة آدم و ما حوّلوا وجوههم عن وجه ربّك و هم بنعمة التّقديس فی كلّ حين يتنعّمون كذلك رقم قلم الرّحمن اسرار ما كان و ما يكون لعلّ النّاس هم يعرفون سوف يظهر اللّه هؤلآء فی الأرض و يرفع بهم ذكره و ينشر آثاره و يثبت كلماته و يعلن آياته رغماً للّذينهم كفروا و انكروا و كانوا بآياته يجحدون يا طلعة الأحدية ان وجدتهم و ادركت لقائهم اقصصی عليهم ما يقصّ عليك الغلام من قصص نفسه و ما ورد عليه ليطّلعنّ علی ما هو المسطور فی لوح محفوظ و اخبريهم بنبأ الغلام و ما مسّته من البأسآء و الضّرّآء ليتذكرنّ بمصائبی و يكوننّ من الّذينهم يفقهون ثمّ اذكری لهم انّا اصطفينا احد اخواننا و اظهرنا له من طمطام بحر العلم رشحاً و البسناه قميص اسم من الأسمآء و رفعناه الی مقام قام كلّ علی ثنآء نفسه و حفظناه عن ضرّ كلّ ذی ضرّ بحيث عجز عنه القادرون و كنّا امام وجوه من فی السّموات و الأرض فی ايام كلّ العباد قاموا علی قتلی و كنّا بينهم ناطقاً بذكر اللّه و ثنآئه و قائماً علی امره الی ان تحقّقت كلمة اللّه بين خلقه و اشتهرت آثاره و علت قدرته و لاحت سلطنته يشهد بذلك عباد مكرمون انّ اخی لمّا رأی الأمر ارتفع وجد فی نفسه كبراً و غروراً خرج عن خلف الأستار و حارب نفسی و جادل بآياتی و كذّب برهانی و جحد آثاری و ما شبع بطن الحريص الی ان اراد اكل لحمی و شرب دمی يشهد بذلك عباد هاجروا مع اللّه و عباد مقرّبون و شاور فی ذلك احد خدّامی و اغواه علی ذلك اذاً نصرنی اللّه بجنود الغيب و الشّهادة و حفظنی بالحقّ و انزل علیّ ما منعه عمّا اراد و بطل مكر الّذينهم كفروا بآيات الرّحمن الا انّهم قوم منكرون فلمّا شاع ما سوّلت له نفسه و اطّلع علی مكره الّذينهم هاجروا ارتفع الضّجيج من هؤلآء و بلغ مقاماً كاد ان يشتهر بين المدينة اذاً منعناهم و القينا عليهم كلمة الصّبر ليكوننّ من الّذينهم يصبرون واللّه الّذی لا اله الاّ هو انّا صبرنا فی ذلك و امرنا العباد بالصّبر و الاصطبار و خرجنا عن بين هؤلآء و سكنّا فی بيت آخر لتسكن نار البغضآء فی صدره و يكون من الّذينهم مهتدون و ما اعترضنا عليه و ما رأيناه من بعد و جلسنا فی البيت مرتقباً فضل اللّه المهيمن القيوم انّه لمّا اطّلع علی انّ الأمر اشتهر اخذ قلم الكذب و كتب الی العباد و نسب كلّ ما فعل الی جمالی الفريد المظلوم ابتغآء فتنة بين العباد و ادخال البغضآء فی صدور الّذينهم آمنوا باللّه العزيز الودود والّذی نفسی بيده تحيّرنا من مكره
ص ٤
بل تحيّر منه كلّ الوجود من الغيب و الشّهود مع ذلك ما سكن ما فی نفسه الی ان ارتكب ما لا يجری القلم عليه و به ضيّع حرمتی و حرمة اللّه المقتدر العزيز المحمود لو اذكر ما فعل لن تتمّه بحور الأرض لو يجعلها اللّه مداداً و لن تنفده الأشيآء ولو يقلّبها اللّه اقلاماً كذلك نلقی ما ورد علی نفسی ان كنتم تعلمون
يا قلم البقآء لا تحزن عمّا ورد عليك سوف يبعث اللّه خلقاً يرون بأبصارهم و يذكرون ما ورد عليك امسك القلم عن ذكر هؤلآء ثمّ حرّكه علی ذكر مالك القدم دع الممكنات ثمّ اشرب من رحيق ذكری المختوم اياك ان تشتغل بذكر الّذين لن تجد منهم الاّ روائح البغضآء و اخذهم حبّ الرّياسة بحيث يهلكون انفسهم لاعلآء ذكرهم و ابقآء اسمائهم قد كتب اللّه هؤلآء من عبدة الأسمآء فی لوح محفوظ اذكر ما اردته لهذا الهيكل ليظهر فی الأرض آثاره و يملأ الآفاق انوار هذا الاشراق و يطهّر الأرض من دنس الّذين كفروا باللّه كذلك نزّلنا الآيات و فصّلنا الأمر لقوم يعرفون
يا هذا الهيكل ابسط يدك علی من فی السّموات و الأرض و خذ زمام الأمر بقبضة ارادتك انّا جعلنا فی يمينك ملكوت كلّ شیء افعل ما شئت و لا تخف من الّذينهم لا يعرفون ثمّ ارفع يدك الی اللّوح الّذی اشرق من افق اصبع ربّك و خذه بقوّة بأخذك تأخذه ايادی من فی الابداع هذا ينبغی لك ان كنت من الّذينهم يفقهون بارتفاع يدك الی سمآء فضلی ترتفع ايادی كلّ شیء الی اللّه المقتدر العزيز الودود سوف نبعث من يدك ايادی القوّة و القدرة و الاقتدار و نظهر بها قدرتی لمن فی ملكوت الأمر و الخلق ليعرف العباد انّه لا اله الاّ انا المهيمن القيوم و بها نعطی و نأخذ و لا يعرف ذلك الاّ الّذينهم ببصر الرّوح ينظرون قل يا قوم أ تفرّون من قدرة اللّه تاللّه لا مهرب لكم اليوم و لا عاصم لأحد الاّ من رحمه اللّه بفضل من عنده انّه هو الرّحيم الغفور قل يا قوم دعوا ما عندكم ثمّ ادخلوا فی ظلّ ربّكم الرّحمن هذا خير لكم ممّا عملتم او تعملون خافوا اللّه و لا تحرموا انفسكم من نفحات ايام مالك الأسمآء و الصّفات و لا تبدّلوا كلمة اللّه و لا تحرّفوها عن مقرّها اتّقوا اللّه و كونوا من الّذينهم يتّقون قل يا قوم هذه يد اللّه الّتی لم تزل كانت فوق ايديكم ان كنتم تعقلون و فيها قدّرنا خير السّموات و الأرض بحيث لا يظهر من خير الاّ و قد يظهر منها كذلك جعلناها مطلع الخير و مخزنه فيما كان و ما يكون قل كلّ ما جری فی الألواح من انهار المعانی و البيان قد اتّصل بهذا البحر الأعظم ان كنتم تشعرون و ما فصّل فی الكتب قد انتهی الی هذه الكلمة العليا الّتی اشرقت من افق فم مشيّة الأبهی فی هذا الظّهور الّذی به افترّ ثغر الغيب و الشّهود سوف يخرج اللّه من اكمام القدرة ايادی القوّة و الغلبة و يبعث قوماً ينصرنّ الغلام و يطهّرنّ الأرض من دنس كلّ مشرك مردود و يقومنّ علی الأمر و يفتحنّ البلاد باسمی المقتدر القيوم و يدخلنّ خلال الدّيار و يأخذ رعبهم كلّ العباد هذا من بطش اللّه انّ بطشه شديد بالعدل انّه لمحيط علی من فی السّموات و الأرض ينزل ما يشآء علی قدر مقدور و لو يقوم احد من هؤلآء
ص ٥
مقابلة ما خلق فی الابداع ليكون غالباً بغلبة ارادتی هذا من قدرتی ولكنّ خلقی لا يعرفون و هذا من سلطنتی ولكن بريّتی لا يفقهون و هذا من امری ولكن عبادی لا يشعرون و هذا من غلبتی ولكنّ النّاس لا يشكرون الاّ الّذين نوّر اللّه ابصارهم بنور عرفانه و جعل قلوبهم خزائن وحيه و انفسهم حملة امره اولئك يجدون روائح الرّحمن من قميص اسمه و هم فی كلّ الأحيان بآيات اللّه يفرحون و الّذين كفروا و اشركوا اولئك غضب اللّه عليهم و هم الی النّار يسحبون و فی اطباقها يجزعون كذلك نفصّل الآيات و نبين الحقّ بالبيّنات لعلّ النّاس فی آيات ربّهم يتفكرون
يا هذا الهيكل قد جعلناك آية عزّی فيما كان و ما يكون و جعلناك آية امری بين السّموات و الأرض بقولی كن فيكون يا هآء الهويّة فی هذا الاسم قد جعلناك مخزن مشيّتی ثمّ مكمن ارادتی لمن فی ملكوت الأمر و الخلق فضلاً من لدن مهيمن قيوم يا يآء اسمی القدير قد جعلناك مظهر سلطانی و مطلع اسمائی و انا المقتدر علی ما اقول يا كاف اسمی الكريم قد جعلناك مشرق كرمی بين بريتی و منبع جودی بين خلقی انا المقتدر بسلطانی لن يعزب عن علمی شیء عمّا خلق بين السّموات و الأرض و انا الحقّ علاّم الغيوب يا قلم انزل من سحاب كرمك ما يغنی الممكنات لا تمنع فضلك عن الوجود انّك انت الكريم فی جبروت البقآء و ذو الفضل العظيم لمن فی ملكوت الأسمآء لا تنظر الی النّاس و ما عندهم انظر الی جميل احسانك و بديع مواهبك ادخل العباد فی ظلّك الممدود ابسط يد الجود علی الممكنات و اصابع الكرم علی الكائنات هذا ينبغی لك ولكنّ النّاس لا يعقلون من اقبل اليك هذا من فضلك و من اعرض انّ ربّك لهو الغنیّ عمّا خلق فی الامكان يشهد بذلك عباد مخلصون سوف يبعث اللّه بك ذوی ايادی غالبة و اعضاد قاهرة يخرجنّ عن خلف الأستار و ينصرنّ نفس الرّحمن بين الامكان و يصيحنّ بصيحة تتميّز منها الصّدور كذلك رقم فی لوح مسطور و يظهرنّ بسطوة يأخذ الخوف سكان الأرض بحيث كلّهم يضطربون اياكم ان تسفكوا الدّمآء اخرجوا سيف اللّسان من غمد البيان لأنّ به تفتح مدائن القلوب انّا رفعنا حكم القتل عن بينكم انّ رحمتی سبقت الممكنات ان كنتم تعلمون انصروا ربّكم الرّحمن بسيف التّبيان انّه احدّ من البيان و اغلی منه لو كنتم فی كلمات ربّكم تنظرون كذلك نزّلت جنود الوحی من شطر اللّه المهيمن القيوم و ظهرت جنود الالهام من مشرق الأمر من لدی الله العزيز المحبوب قل قد قدّر مقادير الأشيآء فی هذا الهيكل المخزون المشهود و كنز فيه علم السّموات و الأرض و علم ما كان و ما يكون و رقم باصبع صنع ربّك فی هذا الكتاب ما يعجز عن ادراكه العارفون و خلق فيه الهياكل الّتی ما اطّلع عليها احد الاّ نفس اللّه ان كنتم توقنون طوبی لمن يقرئه و يتفكر فيه و يكون من الّذينهم يفقهون قل لا يُری فی هيكلی الاّ هيكل اللّه و لا فی جمالی الاّ جماله و لا فی كينونتی الاّ كينونته و لا فی ذاتی الاّ ذاته و لا فی حركتی الاّ حركته و لا فی سكونی الاّ سكونه و لا فی قلمی الاّ قلمه العزيز المحمود قل لم يكن فی نفسی الاّ الحقّ و لا يری فی ذاتی الاّ اللّه اياكم ان تذكروا الآيتين فی نفسی تنطق الذّرّات انّه لا اله الاّ هو الواحد الفرد العزيز الودود لم ازل كنت ناطقاً فی جبروت البقآء انّنی انا اللّه لا اله الاّ انا المهيمن القيوم و لا ازال انطق فی ملكوت الأسمآء انّنی انا اللّه لا اله الاّ انا العزيز المحبوب قل انّ الرّبوبية اسمی قد خلقت لها مظاهر فی الملك انّا كنّا منزّهاً عنها ان كنتم تشهدون و الألوهية اسمی قد جعلنا لها مطالع
ص ٦
يحيطنّ بالعباد و يجعلنّهم عبّاداً للّه ان كنتم توقنون كذلك اعرفوا كلّ الأسمآء ان كنتم تعرفون يا لام الفضل فی هذا الاسم انّا جعلناك مظهر الفضل بين السّموات و الأرض منك بدئنا بالفضل بين الممكنات و اليك نرجعه ثمّ منك نظهره مرّة اخری امراً من لدنّا و انا الفاعل لما اشآء بقولی كن فيكون كلّ فضل ظهر فی الملك بدء منك و اليك يعود هذا ما قدّر فی لوح حفظناه خلف سرادق العظمة و عصمناه عن مشاهدة العيون يا حبّذا لمن لم يحرم نفسه عن هذا الفضل المسلسل المشهور قل اليوم قد هبّت لواقح الفضل علی الأشيآء و حمل كلّ شیء بما هو عليه ولكنّ اكثر النّاس عنه معرضون قد حملت الأشجار بالأثمار البديعة و البحور باللآّلئ المنيرة و الانسان بالمعانی و العرفان و الأكوان بتجلّيات الرّحمن و الأرض بما لا اطّلع عليه احد الاّ الحقّ علاّم الغيوب سوف تضع كلّ حملها تبارك اللّه مرسل هذا الفضل الّذی احاط بالأشيآء كلّها عمّا ظهر و عمّا هو المكنون كذلك خلقنا الأكوان بدعاً فی هذا اليوم ولكنّ النّاس اكثرهم لا يشعرون قل لن يُعرف فضل اللّه علی ما هو عليه فكيف نفسه المهيمن القيوم
يا هيكل الأمر ان لن تجد مقبلاً الی مواهبك لا تحزن قد خلقت لنفسی اشتغل بذكری بين عبادی هذا ما قدّر لك فی لوح محفوظ انّا لمّا وجدنا الأيادی غير طاهرة فی الأرض لذا جعلنا ذيلك مطهّراً عن مسّها و مسّ الّذينهم مشركون اصبر فی امر ربّك سوف يبعث اللّه اولی افئدة طاهرة و ابصار منيرة يهربنّ من كلّ الجهات الی جهة فضلك المحيط المبسوط
يا هيكل اللّه لمّا نزّلت جنود الوحی برايات الآيات من مليك الأسمآء و الصّفات انهزم اولو الاشارات و كفروا ببينات اللّه المهيمن القيوم و قاموا علی النّفاق منهم من قال ليست هذه الآيات بينات من اللّه و ما نزّلت علی الفطرة كذلك يداوی المشركون جرح الصّدور و بذلك يلعنهم من فی السّموات و الأرض و هم فی انفسهم لا يشعرون قل انّ روح القدس قد خلق بحرف ممّا نزّل من هذا الرّوح الأعظم ان كنتم تفقهون و انّ الفطرة بكينونتها قد خلقت من آيات اللّه المهيمن العزيز المحبوب قل انّها تفتخر بنسبتها الی نفسنا الحقّ و انّا لا نفتخر بها و بما دونها لأنّ دونی قد خلق بقولی ان كنتم تعقلون
قل انّا انزلنا الآيات علی تسعة شؤون كلّ شأن منها يدلّ علی سلطنة اللّه المهيمن القيوم شأن منها يكفی فی الحجّيّة من فی السّموات و الأرض ولكنّ النّاس اكثرهم غافلون و لو شئنا لنزّلنا علی شؤون اخری الّتی لا يحصی عدّتها المحصون قل يا قوم خافوا اللّه و لا تحرّكوا السنتكم الكذبة علی ما لا يحبّه اللّه استحيوا من الّذی خلقكم بقطرة من المآء كما انتم تعلمون قل انّا خلقنا من فی السّموات و الأرض علی فطرة اللّه فمن اقبل الی هذا الوجه يظهر علی ما
ص ۷
خلق عليه و من احتجب يحتجب عن هذا الفضل المحيط المكنون انّا ما منعنا شيئاً عن فضل قد خلقنا الأشيآء علی حدّ سوآء و عرضنا عليها امانة حبّنا بكلمة من لدنّا فمن حمل نجا و امن و كان من الّذينهم من فزع اليوم آمنون و من اعرض كفر باللّه المهيمن القيوم و بها فرّقنا بين العباد و فصّلنا بينهم انّا نحن فاصلون قل كلمة اللّه لن تشتبه بكلمات خلقه انّها سلطان الكلمات كما انّ نفسه سلطان النّفوس و امره مهيمن علی ما كان و ما يكون ادخلوا يا قوم مصر الايقان مقرّ عرش ربّكم الرّحمن هذا ما يأمركم به قلم السّبحان فضلاً من عنده عليكم ان كنتم فی امره لا تختلفون و من المشركين من كفر فی نفسه و قام بالمحاربة و قال هذه الآيات مفتريات كذلك قال من قبل الّذين مضوا و فی النّار هم يستغيثون قل ويل لكم بما يخرج من افواهكم ان كانت الآيات مفتريات فبأیّ حجّة آمنتم باللّه فأتوا بها ان كنتم تفقهون كلّما نزّلنا عليهم آيات بينات كفروا بها و اذا رأوا ما عجز عن الاتيان بمثله كلّ الوری قالوا هذا سحر ما لهؤلآء القوم يقولون ما لا يعلمون كذلك قالت امّة الفرقان حين ما اتی اللّه بأمره الا انّهم قوم منكرون و منعوا النّاس عن الحضور بين يدی جمال القدم و الأكل مع احبّائه و قال قائل منهم لا تقربوا هؤلآء انّهم يسحرون النّاس و يضلّونهم عن سبيل اللّه المهيمن القيوم تاللّه الحقّ انّ الّذی لن يقدر ان يتكلّم بين يدينا قال ما لا قاله الأوّلون و ارتكب ما لا ارتكب نفس من الّذينهم كفروا بالرّحمن فی كلّ الأعصار يشهد بذلك اقوالهم و افعالهم لو كنتم تنصفون من نسب آيات اللّه بالسّحر انّه ما آمن بأحد من رسل اللّه قد ضلّ سعيه فی الحياة الباطلة و كان من الّذين يقولون ما لا يعلمون قل يا عبد خف من اللّه الّذی خلقك و سوّاك و لا تفرّط فی جنب اللّه ثمّ انصف فی نفسك و كن من الّذينهم يعدلون انّ الّذين اوتوا العلم من اللّه اولئك يجدنّ من اعتراضاتهم دلائل قويّة فی ابطالهم و اثبات هذا النّور المشهود قل أ تقولون ما قاله المشركون اذ جائهم ذكر من ربّهم ويل لكم يا معشر الجهلآء و بئس ما انتم تكسبون يا جمال القدم دع المشركين و ما عندهم ثمّ عطّر الممكنات بذكر محبوبك العلیّ العظيم بذكره تحيی الموجودات و تجدّد هياكل العالمين قل انّه استقرّ علی عرش العظمة و الجلال من اراد ان ينظر جماله هو هذا تبارك اللّه الّذی ظهر بهذا الجمال المشرق المنير من اراد ان يسمع نغماته انّها ارتفعت من هذا الفم الدّرّیّ البديع و من اراد ان يستضیء بأنواره قل احضر تلقآء العرش هذا ما اذن اللّه لكم فضلاً من عنده علی العالمين قل يا قوم انّا نسئل منكم كلمة بالصّدق الأكبر و نتّخذ اللّه بيننا و بينكم شهيداً انّه ولیّ المحسنين اجعلوا محضركم بين يدی العرش ثمّ انصفوا فی القول و كونوا من المنصفين أ كان اللّه مقتدراً علی امره ام انتم من القادرين أ انّه كان مختاراً فی نفسه كما تقولون انّه يفعل ما يشآء و لا يسئل عمّا شآء ام انتم المختارون و تقولون هذه الكلمة بالتّقليد كما تكلّم به آبائكم فی زمن المرسلين لو انّه كان مختاراً فی نفسه قد اظهر مظهر امره بالآيات الّتی لا يقوم معها شیء لا فی السّموات و لا فی الأرضين و ظهر بشأن ما ظهر فی الابداع شبهه كما رأيتم و سمعتم اذ اشرق نيّر الآفاق من افق العراق بسلطان مبين كلّ الأمور تنتهی الی الآيات و تلك آيات اللّه الملك المهيمن العزيز القدير و من دونها قد ظهر بأمر اقرّ بسلطانه كلّ الممكنات و لا ينكر ذلك الاّ كلّ مشرك اثيم قل يا قوم أ اردتم ان تستروا جمال الشّمس بأحجاب انفسكم او تمنعوا الرّوح عن التّغرّد فی هذا الصّدر الممرّد المنير خافوا اللّه و لا تحاربوا نفسه و لا
ص ۸
تجادلوا الّذی بأمره خلقت الكاف و اتّصلت بركنها العظيم آمنوا بسفرآء اللّه و سلطانه و بنفس اللّه و عظمته و لا تعقّبوا الّذين كفروا بعد ايمانهم و اتّخذوا لأنفسهم مقاماً فی هواهم الا انّهم من المشركين اشهدوا بما شهد اللّه ليستضیء بما يخرج من افواهكم ملأ مقرّبون قولوا انّا آمنّا بما نزّل الی رسل اللّه من قبل و ما نزّل الی علیّ بالحقّ و ما ينزل من جهة عرش عظيم كذلك يعلّمكم اللّه جوداً من عنده و فضلاً من لدنه انّ فضله احاط العالمين
يا رجل هذا الهيكل انّا خلقناك من الحديد استقيمی علی امر ربّك بحيث تستقيم بك ارجل المنقطعين علی صراط ربّك العزيز الحكيم اياك ان تتحرّكی من عواصف البغضآء و قواصف هؤلآء الأشقيآء اثبتی علی الأمر و كونی من الثّابتين انّا بعثناك باسمنا الّذی به استقام كلّ ذی استقامة و بكلّ اسم من اسمائنا الحسنی لمن فی السّموات و الأرضين سوف نبعث منك اولی ارجل مستقيمة يقومنّ علی الصّراط و لا يزلّنّ عنه ولو تحاربهم جنود تعادل جنود الأوّلين و الآخرين انّ الفضل كلّه فی قبضتنا نعطی من نشآء من عبادنا المقرّبين كذلك مننّا عليك مرّةً بعد مرّة لتشكری ربّك بشكر تنطق به السن الكائنات بشكر نفسی الرّحمن الرّحيم يا ايها الهيكل قم علی الأمر بقدرة من لدنّا و سلطان من عندنا ثمّ الق الی العباد ما القی اليك روح اللّه الملك الفرد العزيز العليم قل يا قوم أ تدعون الحقّ ورائكم و تدعون الّذی خلقناه بكفّ من الطّين هذا ظلم منكم علی انفسكم ان كنتم فی آيات ربّكم لمن المتفكرين قل يا قوم طهّروا قلوبكم ثمّ ابصاركم لعلّكم تعرفون بارئكم فی هذا القميص المقدّس اللّميع قل انّ هذا فتی الهیّ قد استقرّ علی عرش الجلال و ظهر بسلطان القدرة و الاستقلال و يصيح بين الأرض و السّمآء بندائه الأبدع الأحلی يا اهل الأكوان لم كفرتم بربّكم الرّحمن و اعرضتم عن جمال السّبحان تاللّه هذا هو الغيب المستور قد طلع من مشرق الامكان و هذا هو الجمال المحبوب قد اشرق من افق هذا المقام بسلطنة اللّه المهيمن العزيز الغالب القدير
يا هيكل القدس انّا جعلنا صدرك ممرّداً من اشارات الممكنات و مقدّساً من دلالات الكائنات لينطبع فيه انوار جمالی و تنعكس منه فی مرايا العالمين بذلك اخترناك علی ما خلق فی السّموات و الأرض و اصطفيناك علی ما قدّر فی ملكوت الأمر و الخلق و اختصصناك لنفسی هذا من فضل اللّه عليك من هذا اليوم الی يوم لن ينتهی فی الملك و يبقی ببقآء اللّه الملك المهيمن العزيز العليم لأنّ يوم اللّه هو نفسه قد ظهر بالحقّ و لن يعقّبه اللّيل و لن يحدّده الذّكر ان كنتم من العارفين
ص ۹
يا صدر هذا الهيكل انّا جعلنا الأشيآء مرايا نفسك و جعلناك مرآت نفسی فاشرق علی صدور الممكنات بما تجلّی عليك من انوار ربّك ليطهّرها عن الحدود و الاشارات كذلك اشرقت شمس الحِكم من افق قلم مالك القدم طوبی للمتوسّمين انّا بدئنا منك صدوراً ممرّدةً و نعيدها اليك رحمة من لدنّا عليك و علی المقرّبين سوف نبعث بك اولی صدور صافية و ترائب منيرة لن يحكوا الاّ عن جمالی و لن يدلّنّ الاّ علی تجلّيات وجهی انّهم مرايا اسمائی بين الخلائق اجمعين
يا هيكل القدس انّا جعلنا فؤادك مخزن علم ما كان و ما يكون و مطلع علمنا الّذی قدّرناه لأهل السّموات و الأرض لتستفيض منك الموجودات و تبلغ ببدائع علومك عرفان اللّه المقتدر العلیّ العظيم و انّ علمی الّذی ينسب الی ذاتی ما عرفه احد و لا يعرفه نفس و لن يحمله احد من العالمين لو نظهر منه كلمة لتضطرب النّفوس و تنعدم اركان كلّ شیء و تزلّ اقدام البالغين و عندنا علم لو نلقی علی الكائنات كلمةً منه ليوقننّ كلّ بظهور اللّه و علمه و يطّلعنّ علی اسرار العلوم كلّها و يبلغنّ مقاماً يرون انفسهم اغنيآء عن علوم الأوّلين و الآخرين و لنا علوم اخری الّتی لا نقدر ان نذكر حرفاً منها و لا النّاس يستطيعنّ ان يسمعنّ ذكراً منها كذلك نبّئناكم بعلم اللّه العالم الخبير ولو نجد اوعيةً لأودعناها كنوز المعانی و علّمناها ما يحيط حرف منه علی العالمين
يا فؤاد هذا الهيكل انّا جعلناك مطلع علمی و مظهر حكمتی لمن فی السّموات و الأرضين و اظهرنا منك العلوم و نرجعها اليك ثمّ نبعث منك مرّة اخری وعداً من لدنّا انّا كنّا فاعلين سوف نبعث منك ذوی علوم بديعة و ذوی صنائع قويّة و نظهر منهم ما لا خطر بقلب احد من العباد كذلك نعطی من نشآء ما نشآء و نأخذ عمّن نشآء ما اعطيناه و نحكم بأمرنا ما نريد قل انّا لو نتجلّی علی مرايا الموجودات بشمس عنايتنا فی ساعة و نأخذ عنهم انوار تجلّياتنا فی ساعة اخری لنقدر و ليس لأحد ان يقول لم او بم و انّا نحن الفاعل لما نشآء و لا نسئل عمّا فعلناه و لا يرتاب فی ذلك الاّ كلّ مشرك مريب قل لن تُمنع قدرتنا و لن يعطّل حكمنا نرفع من نشآء الی جبروت العزّة و الاقتدار ثمّ نرجعه لو نشآء الی اسفل سافلين أ تزعمون يا ملأ الأرض انّا لو نصعد احداً الی سدرة المنتهی اذاً تمنع منه قدرتی و سلطانی لا ونفسی بل لو نشآء لنرجعه الی التّراب فی اقلّ من حين انظروا فی الشّجرة انّا نغرسها فی الجنان و نسقيها من مآء عنايتنا فلمّا ارتفعت فی نفسها و اورقت بالأوراق الخضرآء و اثمرّت بالأثمار الحسنی نرسل عليها قواصف الأمر و نقلعها و ندعها علی وجه الأرض كذلك كنّا فاعلين و كذلك نفعل بكلّ شیء هذا من بدائع سنننا من قبل و من بعد فی كلّ الأشيآء ان كنتم من النّاظرين و لا يعلم حكمة ذلك الاّ اللّه المقتدر العزيز الحكيم أ تنكرون يا قوم ما ترونه ويل لكم يا ملأ المنكرين و الّذی لن يتغيّر هو نفسه الرّحمن الرّحيم ان كنتم من المتبصّرين و دونه يتغيّر بارادة من عنده و هو المقتدر العزيز الحكيم يا قوم لا تتكلّموا فی امری لأنّكم لا تبلغون حكمة ربّكم و لن تنالوا علمه العزيز المحيط من ادّعی عرفان ذاته هو من اجهل النّاس يكذّبه كلّ الذّرّات و يشهد بهذا لسانی الصّادق الأمين اذكروا امری ثمّ تكلّموا فيه و فيما امرتم به من لدنّا و من دون ذلك لا ينبغی لكم و ليس لأحد اليه سبيل ان كنتم من السّامعين
ص ۱۰
يا هذا الهيكل قد جعلناك مطلع كلّ اسم من اسمائنا الحسنی و مظهر كلّ صفة من صفاتنا العليا و منبع كلّ ذكر من اذكارنا لمن فی الأرض و السّمآء ثمّ بعثناك علی صورتی بين السّموات و الأرض و جعلناك آية عزّی لمن فی جبروت الأمر و الخلق ليهتدی بك عبادی و يكوننّ من المهتدين و جعلناك سدرة الجود لمن فی السّموات و الأرض هنيئاً لمن يستظلّ فی ظلّك و يتقرّب الی نفسك المهيمنة علی العالمين قل انّا جعلنا كلّ اسم عيناً و اجرينا منها انهار الحكمة و العرفان فی رياض الأمر و لا يعلم عدّتها احد الاّ ربّك المقدّس المقتدر العليم الحكيم قل انّا بدئنا كلّ الحروف من النّقطة و رجعناها اليها ثمّ بعثناها علی هيكل بشر تعالی الصّانع الأبدع البديع سوف نفصّل منها مرّة اخری باسمی الأبهی فضلاً من عندی و انا الفضّال القديم و ابرزنا الأنوار من شمس اسمنا الحقّ و رجعناها اليها و اظهرناها علی هيكل الانسان تعالی القادر المقتدر القدير لن يمنعنی احد من امری و لن تحجّبنی نفس عن سلطانی و قدرتی انا الّذی بعثت الممكنات بقولی و انا المقتدر علی ما اريد قل انّا لو نريد ان نقبض الأرواح من كلّ الأشيآء فی آن و نبعثها مرّة اخری لنقدر لا يعرف علم ذلك الاّ اللّه العالم العليم ولو نريد ان نظهر من ذرّة شموساً لا لهنّ بداية و لا نهاية لنقدر و نظهر كلّهنّ بأمری فی اقلّ من حين ولو نريد ان نبعث من قطرة بحور السّموات و الأرض و نفصّل من حرف علم ما كان و ما يكون لنقدر انّ هذا لسهل يسير كذلك كنت مقتدراً من الأوّل الّذی لا اوّل له الی الآخر الّذی لا آخر له ولكن خلقی غفلوا عن قدرتی و اعرضوا عن سلطانی و جادلوا نفسی العليم الحكيم قل لم يتحرّك شیء بين السّموات و الأرض الاّ بعد اذنی و لم تصعد نفس الی الملكوت الاّ بعد امری ولكن بريّتی احتجبوا عن قدرتی و سلطانی و كانوا من الغافلين قل لا يری فی ظهوری الاّ ظهور اللّه و لا فی قدرتی الاّ قدرة اللّه لو كنتم من العارفين قل مثل خلقی كمثل الأوراق علی الشّجرة انّها قد كانت ظاهرةً بوجودها و قائمةً بنفسها ولكن غافلةً عن اصلها كذلك مثّلنا لعبادنا العاقلين لعلّهم يصعدنّ عن رتبة النّبات و يبلغنّ مقام البلوغ فی هذا الأمر المبرم المتين قل انّ مثلهم كمثل الحوت فی المآء انّ حياته به و انّه لم يعرف ممدّ حياته من لدن عزيز حكيم و كان محتجباً عنه بحيث لو يُسئل عن المآء و صفاته لن يعرف كذلك نلقی الأمثال لعلّ النّاس يقبلنّ الی قبلة من فی السّموات و الأرضين يا قوم خافوا اللّه و لا تكفروا بالّذی احاطت رحمته الممكنات و سبق فضله الموجودات و احاط سلطان امره ظاهركم و باطنكم و اوّلكم و آخركم اتّقوا اللّه و كونوا من المتّقين اياكم ان تكونوا مثل الّذين تمرّ عليهم آيات اللّه و هم لا يعرفونها الا انّهم من الغافلين قل أ تعبدون من لا يسمع و لا يبصر و كان احقر العباد و اذلّهم ما لكم لا تتّبعون الّذی اتی من مطلع الأمر بنبأ اللّه العلیّ العظيم يا قوم لا تكونوا كالّذين حضروا تلقآء العرش و ما استشعروا الا انّهم من الصّاغرين كنّا نتلو عليهم الآيات الّتی انجذب بها اهل الجبروت و سكان الملكوت و هم رجعوا محتجبين عنها و مترصّدين ندآء احد من العباد الّذی حیّ بارادة من عند اللّه كذلك نلقی عليكم ما يهديكم سبيل المقرّبين كم من عباد دخلوا بقعة الفردوس مقرّ العرش بين يدی ربّهم العلیّ العظيم و سئلوا عن ابواب اربعة او عن احد من ائمّة الفرقان كذلك كان شأن هؤلآء ان كنتم من العالمين كما ترون فی هذه الأيام الّذينهم كفروا و اشركوا تمسّكوا باسم من الأسمآء و احتجبوا عن موجدها نشهد انّهم من اهل السّعير يسئلون الشّمس
ص ۱۱
ما قاله الظّلّ و الحقّ ما نطق الخلق ان كنتم من الشّاهدين قل يا قوم لم يكن عند الشّمس الاّ اشراقها و ما يظهر منها و ما سواها استضآء بنورها اتّقوا اللّه و لا تكونوا من الجاهلين منهم من سئل الظّلمة عن النّور قل افتح بصرك لتری الاشراق احاط الآفاق انّه يُری بالعين هذا نور اشرق و لاح من افق فجر المعانی بضيآء مبين أ تسئلون اليهود هل كان الرّوح علی حقّ من اللّه او الأصنام هل كان محمّد رسولاً او ملأ الفرقان ذكر اللّه العلیّ العظيم قل يا قوم دعوا ما عندكم عند تجلّی هذا الظّهور و خذوا ما امرتم به هذا امر اللّه لكم انّه هو خير الآمرين وجمالی لم يكن مقصودی فی هذه الكلمات الاّ تقرّب العباد الی الله العزيز الحميد اياكم ان تفعلوا بی ما فعلتم بمبشّری اذا نزّلت عليكم آيات اللّه من شطر فضلی لا تقولوا انّها ما نزّلت علی الفطرة انّ الفطرة قد خلقت بقولی و تطوف حولی ان كنتم من الموقنين طوبی لمن وجد نفحات قميص المعانی من بيان ربّكم الرّحمن انّها تضوّعت فی الأكوان و تعطّر بها الامكان طوبی لمن وجد عرفها و اقبل الی اللّه بقلب منير
يا هذا الهيكل انّا قد جعلناك مرآتاً لملكوت الأسمآء لتحكی عن سلطانی بين الخلائق اجمعين و تدعو النّاس الی لقائی و جمالی و تكون هادياً الی سبيلی الواضح المستقيم قد رفعنا اسمك بين العباد فضلاً من عندنا و انا الفضّال القديم و زيّنّاك بطراز نفسی و القينا عليك كلمتی لتحكم فی الملك كيف تشآء و تفعل ما تريد و قدّرنا لك خير السّموات و الأرض بحيث لم يكن لأحد من خير الاّ بأن يدخل فی ظلّك امراً من لدن ربّك العليم الخبير و اعطيناك عصا الأمر و فرقان الحكم لتفرق بين كلّ امر حكيم و اظهرنا من صدرك ابحر المعانی و البيان فی ذكر ربّك الرّحمن لتشكر و تكون من الشّاكرين و اختصصناك بين خلقی و جعلناك مظهر نفسی لمن فی السّموات و الأرضين ابعث باذن من لدنّا مرايا حاكيات و حروفات عاليات ليحكين عن سلطانك و قدرتك و يدللن علی اقتدارك و عظمتك و يكنّ مظاهر اسمائك بين العالمين انّا جعلناك مبدء المرايا و مبدعهنّ كما بدئناهنّ منك اوّل مرّة و نعيدك الی نفسی كما بدئناك انّ ربّك هو الغالب المقتدر القدير نبّئ المرايا حين ظهورهنّ ان لا يستكبرن علی موجدهنّ و خالقهنّ حين ظهوره و لا تغرّنّهنّ الرّياسة و تمنعهنّ عن الخضوع بين يدی اللّه العزيز الجميل قل انتنّ يا ايتها المرايا قد خلقتنّ بأمری و بعثتنّ بارادتی اياكنّ ان تكفرن بآيات ربّی و تكنّ من الّذينهم ظلموا و كانوا من الخاسرين و تتمسّكن بما عندكنّ و تفتخرن بارتفاع اسمائكنّ ينبغی لكنّ ان تنقطعن عمّن فی السّموات و الأرض كذلك قدّر من لدن مقتدر قدير
ص ۱۲
يا هيكل امری قل انّی لو اريد ان اجعل الأشيآء مرايا اسمائی فی اقلّ من حين لأقدر فكيف ربّی الّذی خلقنی بأمره المبرم المتين و لو اريد ان اقلّب الممكنات اقرب من لمح البصر لأقدر فكيف الارادة الّتی خزنت فی مشيّة اللّه ربّی و ربّ العالمين قل يا مظاهر اسمائی انتم لو تجاهدون فی سبيل اللّه بأموالكم و انفسكم و تعبدونه بعدد رمال الأرض و قطرات الأمطار و امواج البحار و تعترضون علی مظهر الأمر حين الظّهور لا تذكر اعمالكم عند اللّه و ان تركتم الأعمال و آمنتم به فی هذه الأيام عسی اللّه ان يكفّر عنكم سيئاتكم انّه هو العزيز الكريم كذلك يعلّمكم اللّه ما هو المقصود لعلّكم لا تستكبرون علی الّذی به ثبت ما نزّل فی ازل الآزال طوبی لمن تقرّب الی المنظر الأكبر و سحقاً للمعرضين كم من عباد ينفقون اموالهم فی سبيل اللّه ولكن حين الظّهور نراهم من المعرضين و كم من عباد يصومون فی الأيام و يعترضون علی الّذی بأمره حقّق حكم الصّوم الا انّهم من الجاهلين و كم من عباد يأكلون خبز الشّعير و يقعدون علی ما ينبت من الأرض و يحملون الشّدائد حفظاً لرياساتهم كذلك فصّلنا لك اعمالهم لتكون ذكری للآخرين اولئك يحملون الشّدائد رئآء النّاس لابقآء اسمائهم بعد اذ لن تبقی الاّ بما يلعنهم به من فی السّموات و الأرضين قل لو تبقی اسمائكم كما زعمتم هل ينفعكم من شیء لا وربّ العالمين هل عزّ عزّی بابقآء اسمه بين الّذين يعبدون الأسمآء لا ونفس اللّه العزيز القدير و ان لم يذكركم احد فی الأرض و كان اللّه راضياً عنكم اذاً انتم فی كنائز اسمه الباطن كذلك نزّلنا الآيات لتجذبكم الی مطلع الأنوار و تعرفون ما اراد ربّكم العليم الحكيم امسكوا انفسكم عمّا نهيتم عنه فی الكتاب و كلوا ممّا رزقكم اللّه حلالاً و لا تحرموا انفسكم من نعمائه انّه هو الكريم ذو الفضل العظيم لا تحملوا الشّدائد علی انفسكم اعملوا ما بيّنّاه لكم ببراهين واضحات و آيات لائحات و لا تكوننّ من الغافلين يا معشر العلمآء انتم لو تجتنبون الخمر و امثالها عمّا نهيتم عنه فی الكتاب لم يكن فخراً لكم لأنّ بارتكابها تضيع مقاماتكم عند النّاس و تبدّل اموركم و تهتك استاركم بل الفخر فی اذعانكم كلمة الحقّ و انقطاعكم فی السّرّ و الجهر عمّا سوی اللّه العزيز القدير طوبی لعالم ما جعل العلم حجاباً بينه و بين المعلوم و اذ اتی القيوم اقبل اليه بوجه منير انّه من العلمآء يستبرك بأنفاسه اهل الفردوس و يستضیء بنبراسه من فی السّموات و الأرضين انّه من ورثة الأنبيآء من رآه قد رأی الحقّ و من اقبل اليه اقبل الی اللّه العزيز الحكيم يا مطالع العلم اياكم ان تتغيّروا فی انفسكم لأنّ بتغييركم يتغيّر اكثر العباد انّ هذا ظلم منكم علی انفسكم و عليهم يشهد بذلك كلّ عارف خبير مثلكم كمثل عين اذا تغيّرت تغيّرت الأنهار المنشعبة منها اتّقوا اللّه و كونوا من المتّقين كذلك الانسان اذا فسد قلبه تفسد اركانه و كذلك الشّجرة ان فسد اصلها تفسد اغصانها و افنانها و اوراقها و اثمارها كذلك ضربنا لكم الأمثال لعلّكم لا تحتجبون بما عندكم عمّا قدّر لكم من لدن عزيز كريم انّا لو نأخذ كفّاً من التّراب و نزيّنه بطراز الأسمآء لنقدر و هذا من فضلی عليه من دون استحقاقه كذلك نزّل بالحقّ من لدن منزل عليم انظروا الی الحجر الأسود الّذی جعله اللّه مقبل العالمين هل يكون هذا الفضل من نفسه لا ونفسی و هل يكون هذا العزّ من ذاته لا وذاتی الّتی عجز عن عرفانها كلّ عالم عليم كذلك انظر فی المسجد الأقصی و الأماكن الّتی جعلناها مطاف من فی الأطراف و الأقطار لم يكن شرفها منها بل بما تنسب الی مظاهرنا الّذين جعلناهم مطالع وحينا بين العباد ان كنتم من العالمين و فی كلّ ذلك لحكمة لا يعلمها الاّ اللّه اسئلوا ليبيّن لكم ما اراد انّه بكلّ شیء عليم انقطعوا يا
ص ۱۳
قوم عن الدّنيا و زخرفها و لا تلتفتوا الی الّذينهم كفروا و اشركوا اطلعوا من افق البيان لذكر ربّكم الرّحمن هذا ما اراده اللّه لكم طوبی للعارفين قل يا قوم انّا امرناكم فی الألواح بأن تقدّسوا انفسكم حين الظّهور عن الأسمآء و عن كلّ ما خلق فی الأرض و السّمآء لينطبع فيها تجلّی شمس الحقّ من افق مشيّة ربّكم العزيز العظيم و امرناكم بأن تطهّروا نفوسكم عن حبّ من علی الأرض و بغضهم لئلاّ يمنعكم شیء عن جهة و يضطرّكم الی جهة اخری و هذا من اعظم نصحی لكم فی كتاب مبين من تمسّك بأحد منهما انّه لا يقدر ان يعرف الأمر علی ما هو عليه يشهد بذلك كلّ منصف خبير انتم نسيتم عهد اللّه و نقضتم ميثاقه الی ان اعرضتم عن الّذی بظهوره قرّت عيون الموحّدين طهّروا الأنظار عن الحجب و الأستار ثمّ انظروا حجج النّبيّين و المرسلين لتعرفوا امر اللّه فی هذه الأيام الّتی فيها اتی الموعود بسلطان عظيم اتّقوا اللّه و لا تحرموا انفسكم عن مطلع الآيات هذا ما تنتفع به ذواتكم انّ ربّكم لغنیّ عن العالمين انّه لم يزل كان و لم يكن معه من شیء قد ارتفعت باسمه راية التّوحيد علی طور الوجود من الغيب و الشّهود علی انّه لا اله الاّ انا الواحد العزيز الفريد انّ الّذينهم خلقوا بارادة من عنده و بعثوا بأمره اعرضوا عنه و اتّخذوا لأنفسهم ربّاً من دون اللّه الا انّهم من المبعدين كانوا ان يذكروا الرّحمن فی كلّ الأحيان و لمّا ظهر بالحقّ حاربوه افّ لهم بما نقضوا الميثاق اذ اشرق نيّر الآفاق من افق مشيّة اللّه المقدّس العليم الحكيم سلّوا سيوف البغضآء علی وجه اللّه و لا يشعرون فی انفسهم كأنّهم اموات فی قبور اهوائهم بعد ما فاحت نسمة اللّه فی الدّيار الا انّهم فی حجاب عظيم اذا تتلی عليهم آيات اللّه يصرّون مستكبرين كأنّهم ما عرفوا شيئاً و ما سمعوا ندآء اللّه العلیّ العليم قل وا حسرة عليكم أ تدّعون الايمان فی انفسكم و تكفرون بآيات اللّه العزيز الحكيم قل يا قوم ولّوا وجوهكم شطر ربّكم الرّحمن اياكم ان يحجبكم ما نزّل فی البيان انّه ما نزّل الاّ لذكری العزيز المنيع و ما كان مقصوده الاّ جمالی قد ملئت الآفاق من برهانی لو كنتم من المنصفين لو كان النّقطة الأولی علی زعمكم غيری و يدرك لقائی لن يفارقنی و يستأنس بنفسی و استأنست بنفسه فی ايامی انّه ناح لفراقی قد سبقنی ليبشّر النّاس بملكوتی كذلك نزّل فی الألواح ان كنتم من النّاظرين فيا ليت يكون من ذی سمع ليسمع ضجيجه فی البيان بما ورد علی نفسی من هؤلآء الغافلين و يعرف حنينه فی فراقی و شغفه الی لقائی العزيز البديع و فی هذا الحين يشاهد محبوبه بين العباد الّذينهم خلقوا لأيّامه و السّجود بين يديه بالذّلّة الّتی اعترف القلم بالعجز عن ذكرها بما ورد عليه من هؤلآء الظّالمين قل يا قوم انّا دعوناكم فی الظّهور الأوّل الی المنظر الأكبر هذا المقام الأطهر و بشّرناكم بأيام اللّه فلمّا انشقّ السّتر الأعظم و اتی جمال القدم علی سحاب القدر كفرتم بالّذی آمنتم فويل لكم يا معشر المشركين خافوا اللّه و لا تدحضوا الحقّ بما عندكم اذا اشرقت عليكم شمس الآيات من افق اصبع مليك الأسمآء و الصّفات خرّوا بوجوهكم سجّداً للّه ربّ العالمين انّ سجودكم فنآء بابه ليكون خيراً من عبادة الثّقلين و خضوعكم عند ظهوره خير لكم ممّا خلق فی السّموات و الأرضين قل يا قوم اذكركم لوجه اللّه و ما اريد منكم جزآء ان اجری الاّ علی الّذی فطرنی و بعثنی بالحقّ و جعلنی ذكراً للخلائق اجمعين اسرعوا الی منظر اللّه و مقرّه و لا تتّبعوا الشّيطان فی انفسكم انّه يأمركم بالبغی و
الفحشآء و يمنعكم عن الصّراط الّذی نصب فی العالم بهذا الأمر المبرم الحكيم قل قد ظهر الشّيطان بشأن ما ظهر
ص ۱٤
شبهه فی الامكان و كذلك ظهر جمال الرّحمن بالطّراز الّذی ما ادركت مثله عيون الأوّلين قد ارتفع ندآء الرّحمن و من ورائه ندآء الشّيطان طوبی لمن سمع ندآء اللّه و توجّه الی جهة العرش منظر قدس كريم من كان فی قلبه اقلّ من خردل حبّ دونی لن يقدر ان يدخل ملكوتی و برهانی ما طرّز به ديباج كتاب الوجود ان كنتم من العارفين قل اليوم يوم فيه ظهر الفضل الأعظم و لم يكن شیء لا فی السّموات العلی و لا فی الأراضی السّفلی الاّ و ينطقنّ بذكری و يغرّدنّ بثنآء نفسی ان كنتم من السّامعين
يا هيكل الظّهور انفخ فی الصّور باسمی ثمّ يا هيكل الأسرار تنفّس فی المزمار بذكر ربّك المختار ثمّ يا حوريّة الفردوس اخرجی من غرف الجنان و اخبری اهل الأكوان تاللّه قد ظهر محبوب العالمين و مقصود العارفين و معبود من فی السّموات و الأرضين و مسجود الأوّلين و الآخرين اياكم ان تتوقّفوا فی هذا الجمال بعد ما ظهر بسلطان القدرة و القوّة و الجلال انّه هو الحقّ و ما سواه معدوم عند احد من عباده و مفقود لدی ظهور انواره اسرعوا الی كوثر الفضل و لا تكونوا من الصّابرين و من توقّف اقلّ من آن ليحبط اللّه عمله و يرجعه الی مقرّ القهر فبئس مثوی المتوقّفين
يا پاپا اخرق الأحجاب قد اتی ربّ الأرباب فی ظلل السّحاب و قضی الأمر من لدی اللّه المقتدر المختار اكشف السّبحات بسلطان ربّك ثمّ اصعد الی ملكوت الأسمآء و الصّفات كذلك يأمرك القلم الأعلی من لدن ربّك العزيز الجبّار انّه اتی من السّمآء مرّة اخری كما اتی منها اوّل مرّة اياك ان تعترض عليه كما اعترض الفريسيون من دون بينة و برهان قد جری عن يمينه كوثر الفضل و عن يساره سلسبيل العدل و يمشی قدّامه ملائكة الفردوس برايات الآيات اياك ان تمنعك الأسمآء عن اللّه فاطر الأرض و السّمآء دع الوری ورائك ثمّ اقبل الی مولاك الّذی به اضائت الآفاق قد زيّنّا الملكوت باسمنا الأبهی كذلك قضی الأمر من لدی اللّه خالق الأشيآء اياك ان تمنعك الظّنون بعد اذ اشرقت شمس اليقين من افق بيان ربّك العزيز المنّان أ سكنت فی القصور و سلطان الظّهور فی اخرب البيوت دعها لأهلها ثمّ اقبل الی الملكوت بروح و ريحان قل يا ملأ الأرض اخربوا بيوت الغفلة بأيادی القدرة و الاطمينان و عمّروا غرف العرفان فی القلوب ليتجلّی عليها الرّحمن هذا خير لكم ممّا تطلع الشّمس عليه يشهد بذلك من عنده فصل الخطاب قد فاحت نسمة اللّه فی العالم بما اتی المقصود بمجده الأعظم اذاً كلّ حجر و مدر ينادی قد ظهر الموعود الملك للّه المقتدر العزيز الغفّار اياك ان تمنعك العلوم عن سلطان المعلوم او الدّنيا عمّن خلقها و تركها قم باسم ربّك الرّحمن بين ملأ الأكوان و خذ كأس الحيوان بيد الاطمينان اشرب منها اوّلاً ثمّ اسق المقبلين من اهل الأديان كذلك لاح قمر البيان من افق الحكمة و التّبيان اخرق سبحات العلوم لئلاّ تمنعك عن شطر اسمی القيوم اذكر اذ اتی الرّوح افتی عليه من كان اعلم علمآء عصره فی مصره و آمن به من يصطاد الحوت
فاعتبروا يا اولی الألباب انّك من شموس سموات الأسمآء احفظ نفسك لئلاّ تغشاها الظّلمة و تحجبك عن النّور انظر ما نزّل فی الكتاب من لدن ربّك العزيز الوهّاب
ص ۱٥
قل يا معشر العلمآء امسكوا اقلامكم قد ارتفع صرير القلم الأعلی بين الأرض و السّمآء ضعوا ما عندكم و خذوا ما ارسلناه اليكم بقدرة و سلطان قد اتت السّاعة الّتی كانت مكنونة فی علم اللّه و نادت الذّرّات قد اتی القديم ذو المجد العظيم اسرعوا اليه يا ملأ الأرض بخضوع و اناب قل انّی فديت بنفسی لحياتكم و لمّا جئتكم مرّة اخری اراكم تفرّون منّی لذا تبكی عين شفقتی علی شعبی اتّقوا اللّه يا اولی الأنظار انظر فی الّذين اعترضوا علی الابن اذ اتاهم بسلطنة و اقتدار كم من الفريسيين كانوا ان ينتظروا لقائه و يتضرّعوا فی فراقه فلمّا تضوّع طيب الوصال و كشف الجمال اعرضوا عنه و اعترضوا عليه كذلك القينا اليك ما هو المسطور فی الزّبر و الألواح ما اقبل الی الوجه الاّ عدّة معدودات من الّذين لم يكن لهم عزّ بين النّاس و اليوم يفتخر باسمه كلّ ذی عزّ و سلطان كذلك انظر فی هذا الزّمان كم من الرّهبان اعتكفوا فی الكنائس باسمی فلمّا تمّ الميقات و كشفنا لهم الجمال ما عرفونی بعد اذ يدعوننی بالعشیّ و الاشراق نراهم باسمی احتجبوا عن نفسی ان هذا الاّ شیء عجاب قل اياكم ان يمنعكم الذّكر عن المذكور و العبادة عن المعبود اخرقوا حجب الأوهام هذا ربّكم العزيز العلاّم قد اتی لحياة العالم و اتّحاد من علی الأرض كلّها اقبلوا يا قوم الی مطلع الوحی و لا توقّفوا اقلّ من آن أ تقرئون الانجيل و لا تقرّون للرّبّ الجليل هذا لا ينبغی لكم يا ملأ الأحبار قل ان تنكروا هذا الأمر بأیّ حجّة آمنتم باللّه فأتوا بها كذلك نزّل الأمر من القلم الأعلی من لدن ربّكم الأبهی فی هذا اللّوح الّذی من افقه اشرقت الأنوار كم من عباد صارت اعمالهم حجباً لأنفسهم و بها منعوا عن التّقرّب الی اللّه مرسل الأرياح يا ملأ الرّهبان قد تضوّعت نفحات الرّحمن فی الأكوان طوبی لمن نبذ الهوی و اخذ الهدی انّه ممّن فاز بلقآء اللّه فی هذا اليوم الّذی فيه اخذت الزّلازل سكان الأرض و فزع من عليها الاّ من شآء اللّه مالك الرّقاب أ تزيّنون اجسادكم و كان قميص اللّه محمرّاً بدم البغضآء بما ورد عليه من اولی الاغضآء اخرجوا من اماكنكم ثمّ ادخلوا العباد فی ملكوت اللّه مالك يوم التّناد قد ظهرت الكلمة الّتی سترها الابن انّها قد نزّلت علی هيكل الانسان فی هذا الزّمان تبارك الرّبّ الّذی هو الأب قد اتی بمجده الأعظم بين الأمم توجّهوا اليه يا ملأ الأخيار
قل يا ملأ الأديان نراكم هائمين فی تيه الخسران و كنتم حيتان هذا البحر لم منعتم عن مبدئكم انّه يتموّج امام وجوهكم اسرعوا اليه من كلّ الأقطار هذا يوم فيه تصيح الصّخرة بأعلی الصّيحة و تسبّح باسم ربّها الغنیّ المتعال قد اتی الأب و كمل ما وعدتم به فی الملكوت هذه كلمة كانت محفوظة خلف حجاب العظمة فلمّا اتی الوعد اشرقت من افق المشيّة بآيات بيّنات قد حبس جسدی لعتق انفسكم و قبلنا الذّلّة لعزّكم اتّبعوا الرّبّ ذا المجد و الملكوت و لا تتّبعوا كلّ مشرك جبّار جسدی يشتاق الصّليب و رأسی ينتظر السّنان فی سبيل الرّحمن لتطهير العالم عن العصيان كذلك اشرقت شمس الحكم من افق امر مالك الأسمآء و الصّفات قد قام علينا اهل الفرقان و عذّبونا بعذاب ناح
ص ۱٦
به روح القدس و صاح الرّعد و بكی علينا السّحاب من المشركين من ظنّ انّ البلآء يمنع البهآء عمّا اراد اللّه موجد الأشيآء قل لا ومنزل الأمطار انّه لا يمنعه شیء عن ذكر ربّه تاللّه الحقّ لو يحرقونه فی البرّ انّه من قطب البحر يرفع رأسه و ينادی انّه اله من فی السّموات و الأرض و لو يلقونه فی بئر ظلمآء يجدونه فی عُلی الجبال ينادی قد اتی المقصود بسلطان العظمة و الاستقلال و لو يدفنونه فی الأرض يطلع من افق السّمآء و ينطق بأعلی النّدآء قد اتی البهآء بملكوت اللّه المقدّس العزيز المختار و لو يسفكون دمه كلّ قطرة منه تصيح و تدعو اللّه بهذا الاسم الّذی به فاحت نفحات القميص فی الأشطار انّا تحت سيوف الأعدآء ندعو العباد الی اللّه فاطر الأرض و السّمآء و ننصره بقوّة لا تمنعنا جنود الّذين ظلموا و لا سطوة الفجّار قل يا اهل الأرض كسّروا اصنام الأوهام باسم ربّكم العزيز المنّان ثمّ اقبلوا اليه فی هذا اليوم الّذی جعله اللّه سلطان الأيام
يا رئيس القوم استمع لما ينصحك به مصوّر الرّمم من شطر اسمه الأعظم بع ما عندك من الزّينة المزخرفة ثمّ انفقها فی سبيل اللّه مكوّر اللّيل و النّهار دع الملك للملوك و اطلع من افق البيت مقبلاً الی الملكوت و منقطعاً عن الدّنيا ثمّ انطق بذكر ربّك بين الأرض و السّمآء كذلك امرك مالك الأسمآء من لدن ربّك العزيز العلاّم انصح الملوك قل ان اعدلوا بين النّاس اياكم ان تجاوزوا ما حدّد فی الكتاب هذا ينبغی لك اياك ان تتصرّف فی الدّنيا و زخرفها دعها لمن ارادها و خذ ما امرت به من لدن مالك الاختراع ان يأتك احد بخزائن الأرض كلّها لا تردّ البصر اليها كن كما كان مولاك كذلك نطق لسان الوحی بما جعله اللّه طراز كتاب الابداع انظر فی اللّؤلؤ انّ صفائه بنفسه لو تغطّيه بالحرير انّه يحجب حسنه و صفائه كذلك الانسان شرفه بآدابه و ما ينبغی له لا بما تلعب به الصّبيان اعلم انّ زينتك حبّ اللّه و انقطاعك عمّا سواه لا ما عندك من الزّخارف دعها لأهلها و اقبل الی اللّه مجری الأنهار كلّما نزّل من الأمثال قد نزّل بلسان الابن و الّذی ينطق اليوم لا يتكلّم بها ايّاك ان تتمسّك بحبال الأوهام و تمنع نفسك عمّا قدّر فی ملكوت اللّه العزيز الوهّاب اذا اخذك سكر خمر الآيات و اردت الحضور تلقآء عرش ربّك فاطر الأرضين و السّموات اجعل قميصك حبّی و درعك ذكری و زادك التّوكل علی اللّه مظهر القوات
يا ملأ الابن قد ارسلنا اليكم يوحنّا مرّة اخری انّه نادی فی برّيّة البيان يا خلق الأكوان طهّروا عيونكم قد اقترب يوم المشاهدة و اللّقآء و يا ملأ الانجيل اعمروا السّبيل قد اقترب اليوم الّذی فيه يأتی الرّبّ الجليل استعدّوا للدّخول فی الملكوت كذلك قضی الأمر من لدی اللّه فالق الأصباح اسمعوا ما تغرّدت الحمامة البقائيّة علی افنان السّدرة الالهيّة يا ملأ الأرض قد ارسلنا اليكم من سمّی بيوحنّا ليعمّدكم بالمآء لكی تطهّر اجسادكم لظهور المسيح و انّه طهّركم بنار الحبّ و مآء الرّوح للاستعداد لهذه الأيّام الّتی فيها اراد الرّحمن ان يغسّلكم بمآء الحيوان من ايادی الفضل و الاحسان هذا لهو الوالد الّذی اخبركم به اشعيا و المعزّی الّذی اخذ عهده الرّوح افتحوا الأبصار يا ملأ الأحبار لتروا ربّكم جالساً علی عرش العزّة و الاجلال قل يا ملأ الأديان لا تكونوا كالّذين اتّبعوا الفريسيين و بذلك
ص ۱۷