صفحة خالية
صفحة خالية
مناجاة
الطّبعة الثّانية
شهر العظمة 154 بديع
أيّار 1997م.
من منشورات دار النّشر البهائيّة في البرازيل
EDITORA BAHA’I-BRASIL
Rua Engenheiro Gama Lobo, 267 Vila Isabel
20.000 Rio de Janeiro/ RJ, Brazil
مناجاة
مَجْمُوعَةُ أذكارٍ وَأدْعِيَةٍ مِنْ آثارِ
حضرة بهاءالله
صفحة خالية
(1)
سُبْحانَكَ يا إِلهي يَشْهَدُ كُلُّ ذِي بَصَرٍ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدَارِكَ وَكُلُّ ذِي نَظَرٍ بِعَظَمَتِكَ وَاجْتِبارِكَ؛ لا تَمْنَعُ الْمُقَرَّبينَ أَرْياحُ الافْتِتانِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى أُفُقِ عِزِّكَ. وَلا تَطْرُدُ المُخْلِصِينَ عَواصِفُ الامْتِحانِ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَيْكَ، كأَنَّ فِي قُلُوبِهِمْ أَضاءَ سِرَاجُ حُبِّكَ وَمِصْباحُ وُدِّكَ. لا يُقَلِّبُهُمُ البَلايا عَنْ أَمْرِكَ، وَلا القَضَايا عَنْ رِضائِكَ. أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِهِمْ وَبِالزَّفَراتِ الَّتِيْ تَخْرُجُ مِنْ قُلُوبِهِمْ فِيْ فِراقِكَ، بِأَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنْ شَرِّ أَعْدائِكَ، وَتَرْزُقَهُمْ ما قَدَّرْتَه لأَوْلِيائِكَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
(2)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِآياتِكَ الَّتِي أَحاطَتِ المُمْكِناتِ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِيْ مِنْهُ أَشْرَقَتِ الأَرَضُونَ وَالسَّمواتُ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ المَوْجُوداتِ، وَفَضْلِكَ الَّذِيْ أَحاطَ الكائِنَاتِ بِأَنْ تَخْرُقَ لِي حُجُباتِ المَنْعِ لأَسْرُعَ إِلى مَنْبَعِ عِزِّ إِلْهامِكَ وَمَطْلَعِ وَحْيِكَ وَإِفْضالِكَ وَأَنْغَمِسَ فِيْ بَحْرِ قُرْبِكَ وَرِضائِكَ، أَيْ رَبِّ
لا تَحْرِمْنِي عَنْ عِرْفانِكَ فِيْ أَيَّامِكَ، وَلا تَجْعَلْنِي عَرِيًّا عَنْ خِلَعِ هِدايَتِكَ، فَأَشْرِبْنِي كَوْثَرَ الحَيَوانِ الَّذِيْ جَرى عَنِ الرِّضْوانِ الَّذِيْ فِيهِ اسْتَقَرَّ عَرْشُ اسْمِكَ الرَّحْمنِ، لِتُفْتَحَ بِهِ عَيْنِي، وَيَسْتَضِيءَ بِهِ وَجْهِيْ، وَيَطْمَئِنَّ بِهِ قَلْبِيْ، وَيَسْتَنِيرَ بِهِ صَدْرِيْ، وَيَسْتَقِيمَ بِهِ رِجْلِيْ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقْتَدِرًا بِمَشِيَّتِكَ وَمُرِيدًا بِإِرادَتِكَ لا يَمْنَعُكَ عَنْ أَمْرِكَ مَنْ فِيْ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، أَيْ رَبِّ فَارْحَمْنِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، ثُمَّ أَسْمِعْنِي نَغَماتِ الطُّيُورِ الَّتِي يُغَرِّدْنَ بِثَنآءِ نَفْسِكَ عَلَى أَفنانِ سِدْرَةِ فَرْدَانِيَّتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.
(3)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ ابْتُلِيَ بَيْنَ أَيْدِي المُشْرِكينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، وَأَحَاطَتْهُ الأَحْزانُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ عَلَى شَأْنٍ لا يُذْكَرُ بِالبَيانِ، بِأَنْ تُوَفِّقَنِي عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ فِيْ هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِي كُلٌّ أَعْرَضُوا عَنْ جَمالِكَ، وَاعْتَرَضُوا عَلَيْكَ، وَاسْتَكْبَرُوا عَلَى مَظْهَرِ أَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ لَمْ أَرَ لَكَ نَاصِرًا دُونَكَ وَلا مُعِينًا سِواكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ ثابِتًا عَلَى حُبِّكَ وَذِكْرِكَ، وَهذا ما أَسْتَطِيعُ عَلَيهِ، وَإنَّكَ تَعْلَمُ ما فِيْ نَفْسِيْ وَإنَّكَ
أَنْتَ العَلِيمُ الخبِيرُ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْنِي مِنْ بَوارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ الَّذِيْ بِهِ اسْتَضَاءَ الآفاقُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الغَفَّارُ.
(4)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَنْتَ الَّذِيْ كُنْتَ إِلهًا وَلا مَأْلُوهٌ وَرَبًّا وَلا مَرْبُوبٌ، وَعَالِمًا وَلا مَعْلُومٌ أَحْبَبْتَ أَنْ تُعْرَفَ تَكَلَّمْتَ بِكَلِمَةٍ بِها خُلِقَتِ المُمْكِناتُ وَذُوِّتَتِ المَوْجُوداتُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الخالِقُ الباعِثُ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ، أَسْئَلُكَ بِهذِهِ الكَلِمَةِ الَّتِيْ ظَهَرَتْ عَنْ أُفُقِ مَشِيَّتِكَ بِأَنْ تُشْرِبَنِي مِنَ الكَوْثَرِ الَّذِيْ بِهِ أَحْيَيْتَ قُلُوبَ أَصْفِيائِكَ وَأَفْئِدَةَ أَوْلِيائِكَ، لأَتَوَجَّهَ إِلَيْكَ فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المَنَّانُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المَلِكَ العَزِيزُ العَلِيمُ.
(5)
سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَرانِي تَحْتَ أَيْدِيْ الظَّالِمِينَ، كُلَّما أَتَوَجَّهُ إِلَى اليَمِينِ أَسْمَعُ ضَجِيجَ أَحِبَّائِكَ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ المُشْرِكُونَ أُسارَى بِما آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ وَأَقْبَلُوا إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ، وَإِذا أَلْتَفِتُ إِلى اليَسارِ أَسْمَعُ نِداءَ الفُجَّارِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، وَكانُوا مُصِرِّينَ فِيْ إِطْفآءِ
سِراجِ أَحَدِيَّتِكَ الَّذِيْ أَضاءَ بِنُورِ ذاتِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ ذابَتْ قُلُوبُ أَصْفِيائِكَ فِيْ فِراقِكَ، وَاحْتَرَقَتْ أَكْبادُ أَحِبَّائِكَ بِنارِ الاشْتِياقِ فِيْ أَيَّامِكَ، أَسْئَلُكَ يا فاطِرَ السَّماءِ وَمالِكَ الأَسْماءِ بِنَفْسِكَ الأَبْهى وَذِكْرِكَ العَلِيِّ الأَعْلى بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْكَ وَيُسْمِعُهُمْ آياتِكَ، أَيْ رَبِّ فَاخْرُقْ سُبُحاتِ الجَلالِ بِيَدِ القُدْرَةِ وَالإِجْلالِ لِيَرَوْكَ المُخْلِصُونَ عَلَى عَرْشِ عَظَمَتِكَ، وَتَقَرَّ عُيُونُ المُوَحِّدِينَ مِنْ بَوَارِقِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ غُلِقَتْ أَبْوابُ الرَّجآءِ عَلَى قُلُوبِ المُشْتَاقِينَ وَعِنْدَكَ مَفاتِيحُها، أَنِ افْتَحْ بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ، وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المَنَّانُ.
(6)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي وَعِزَّتِكَ مِنْ تَتابُعِ البَلايا مُنِعَ القَلَمُ الأَعْلى مِنْ إِظْهارِ ما هُوَ المَسْتُورُ عَنْ أَنْظُرِ بَرِيَّتِكَ، وَمِنْ تَرادُفِ القَضَايا مُنِعَ لِسانُ الإِمْضآءِ عَنْ بَدائِعِ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، إِذًا يا إِلهِي بِهذا اللِّسانِ الكَلِيلِ أَدْعُوكَ، وَبِهذا القَلَمِ العَلِيلِ أَشْتَغِلُ بِذِكْرِكَ، هَلْ مِنْ ذِي بَصَرٍ يا إِلهِي لِيَراكَ بِعَيْنِكَ. وَهَلْ مِنْ ذِي ظَمَأٍ يَتَوَجَّهُ إِلى كَوْثَرِ حُبِّكَ، وَأَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي مَحَوْتُ عَنْ قَلْبِي ذِكْرَ دُونِكَ
وَكَتَبْتُ عَلَيهِ أَسْرارَ حُبِّكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْلا البَلايا لَمْ يَظْهَرِ الامْتِيازُ بَيْنَ عِبادِكَ المُوْقِنِينَ وَالمُرِيبِينَ، إِنَّ الَّذِينَهُمْ سَكِرُوا مِنْ خَمْرِ مَعَارِفِكَ، أُولئِكَ يُسْرِعُونَ إِلى البَلايا شَوْقًا لِلِقائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَحْبُوبَ قَلْبِي وَالمَذْكورُ فِيْ صَدْرِي بِأَنْ تَحْفَظَ أَحِبَّائِي مِنْ شائِبَةِ النَّفْسِ وَالهَوی، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولی، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ بِمَنِّكَ هَدَيْتَهُمْ وَسَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِالرَّحْمنِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الْمُسْتَعَانُ.
(7)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِهذا الظُّهُورِ الَّذِيْ فِيهِ بُدِّلَ الدَّيْجُورُ بِالبُكُورِ، وَبُنِيَ البَيْتُ المَعْمُورُ، وَنُزِّلَ اللَّوْحُ المَسْطُورُ، وَظَهَرَ الرَّقُّ المَنْشُورُ، بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ وَمَنْ مَعِي ما يُطَيِّرُنَا إِلى هَوآءِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ، وَيُطَهِّرُنَا مِنَ الشُّبُهاتِ الَّتِي بِها مُنِعَ المُرِيبُونَ عَنِ الدُّخُولِ فِيْ حَرَمِ تَوْحِيدِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ عِنايَتِكَ وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ رَحْمَتِكَ وَأَلْطافِكَ، قَدِّرْ لِي وَلأَحِبَّتِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ مِنَ النِّعْمَةِ المَكْنُونَةِ الَّتِيْ قَدَّرْتَها لِخِيرَةِ البَريَّةِ، أَيْ رَبِّ هذِهِ أَيّامٌ الَّتِيْ فَرَضْتَ فِيها الصِّيامَ عَلَى عِبادِكَ، طُوبى لِمَنْ
صَامَ خالِصًا لِوَجْهِكَ، مُنْقَطِعًا عَنِ النَّظَرِ إِلى دُونِكَ، أَيْ رَبِّ وَفِّقْنِي وَإِيَّاهُمْ عَلَى طاعَتِكَ وَإِجْرآءِ حُدُودِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ، وَالحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
(8)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى مَقَرِّيْ وَمَحْبَسِي وَابْتِلاَئِي، فَوَعِزَّتِكَ قَدْ عَجِزَ القَلَمُ عَنْ ذِكْرِهَا، وَالبَيانُ عَنْ بَيانِهَا وَشَرْحِهَا، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي بِأَيِّ جِهَةٍ تَرَكْتَنِي بَيْنَ أَعادِي نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لا أَجْزَعُ عَنِ الشَّدائِدِ فِيْ حُبِّكَ وَلا أَضْطَرِبُ عَنِ البَلايا فِيْ سَبِيلِكَ، بَلْ حُزْنِي فِيْ تَأْخِيرِكَ فِيمَا قَضَيْتَهُ فِيْ أَلْواحِ أَمْرِكَ وَصَحائِفِ قَضائِكَ وَتَقْدِيرِكَ، وَإِنَّ دَمِي يُخاطِبُنِي فِيْ كُلِّ الأَحْيانِ وَيَقُولُ يا طَلْعَةَ الرَّحْمنِ إِلى مَتى حَبَسْتَنِي فِيْ حِصْنِ الأَكْوانِ وَسِجْنِ الإِمْكانِ بَعْدَ الَّذِيْ وَعَدْتَنِي بِأَنْ تَحْمَرَّ الأَرْضُ مِنِّي وَتُصْبَغَ وُجُوهُ أَهْلِ مَلإِ الفِرْدَوْسِ مِنْ رَشَحاتِي، وَأَنَا أَقُولُ أَنِ اصْبِرْ ثُمَّ اسْكُنْ لأنَّ ما تُرِيدُ يَظْهَرُ فِيْ سَاعَةٍ، وَيَتِمُّ فِيْ سَاعَةٍ أُخْرى، وَلكِنْ ما أَنَا عَلَيْهِ فِيْ سَبِيلِ اللّهِ لأَشْرَبَ فِيْ كُلِّ حِينٍ كَأْسَ القَضَاءِ وَلا أُرِيدُ أَنْ يَنْقَطِعَ القَضَاءُ وَالبَلاءُ فِيْ سَبِيلِ رَبِّيَ العَلِيِّ الأَبْهی، وَإِنَّكَ أَرِدْ ما أُرِيدُ، وَلا تُرِدْ ما تُرِيدُ،
ما حَبَسْتُكَ لِحِفْظِي بَلْ لِقَضاءٍ بَعْدَ قَضَاءٍ وَبَلاءٍ بَعْدَ بَلاءٍ، قَدِ انْعَدَمَ حَبِيبٌ يُمَيِّزُ بَيْنَ الشَّهْدِ وَالسَّمِّ فِيْ حُبِّ مَحْبُوبِهِ، كُنْ راضِيًا بِما قَضَى اللَّهُ لَكَ، وَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْكَ ما يُحِبُّ وَيَرْضی، لا إِلهَ إِلاَّ هُو العَلِيُّ الأَعْلی.
(9)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي، لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ ماءٍ خَلَقْتَنِي وَبِأَيِّ نارٍ اشْتَعَلْتَنِي وَبِأَيِّ تُرابٍ عَجَنْتَنِي، قَدْ تَمَّتْ أَمْوَاجُ البُحُورِ وَما تَمَّتْ أَمْواجُ هذا البَحْرِ الَّذِيْ مَوَّجَتْهُ أَرْياحُ مَشِيَّتِكَ، قَدْ خَمَدَتْ كُلُّ نارٍ وَمَا خَمَدَتْ هذِهِ النَّارُ الَّتِيْ اشْتَعَلْتَها بِأَيْدِي قُدْرَتِكَ وَاشْتَهَرْتَها بِاسْمِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، كُلَّما يَشْتَدُّ البَلايا يَزْدادُ لَهِيبُها، إِذًا تَرَى يا إِلهِي مِصْبَاحَكَ بَيْنَ هُبُوبِ أَرْياحِ قَضائِكَ، وَكُلَّما تَمُرُّ عَلَيْهِ العَواصِفُ مِنْ كُلِّ شَطْرٍ يَزْدادُ نُورُهُ وَضِيائُهُ لَكَ الحَمْدُ فِيْ كُلِّ ذلِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ وَسُلْطانِكَ الأَقْدَمِ بِأَنْ تَنْظُرَ أَحِبَّتَكَ الَّذِينَ اضْطَرَبَتْ قُلُوبُهُمْ فِيما وَرَدَ عَلَى مَظْهَرِ نَفْسِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.
(10)
يا مَنْ وَجْهُكَ كَعْبَةُ المُشْتَاقِينَ، وَلِقائُكَ أَمَلُ المُخْلِصِينَ، وَقُرْبُكَ رَجاءُ المُقَرَّبِينَ، وَطَلْعَتُكَ صَحِيفَةُ العارِفِينَ، وَاسْمُكَ رُوحُ المُشْتاقِينَ، وَنِدائُكَ حَيوةُ العاشقِينَ، وَما يَخْرُجُ مِنْ شَفَتَيْكَ كَوْثَرُ الحَيَوانِ لِمَنْ فِيْ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، أَسْئَلُكَ بِمَظْلُوميَّةِ نَفْسِكَ وَبِابْتِلائِها بَيْنَ جُنُودِ الظَّالِمِيْنَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ رَحْمَتِكَ ما يَجْعَلُنِي مُقَدَّسَةً عَمَّا سِواكَ لأَكُونَ لائِقَةً لِذِكْرِكَ وَقابِلَةً لِحُبِّكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْنِي عَمَّا قَدَّرْتَهُ لإِمائِكَ اللاَّئِي يَطُفْنَ فِيْ حَوْلِكَ وَيَتَجَلَّى عَلَيْهِنَّ فِيْ كُلِّ حِينٍ شَمْسُ جَمالِكَ وَأَنْوارُ وَجْهِكَ، إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُعِينَ مَنْ أَرادَكَ وَمُعْطِيَ مَنْ سَئَلَكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنتَ العَزِيزُ الْباقِ المُعْطِ الْكَرِيمُ.
(11)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي قَدْ أَخَذَتِ الظُّلْمَةُ كُلَّ الأَقْطارِ وَأَحاطَتِ الْفِتْنَةُ كُلَّ الأَشْطَارِ، وَلكِنْ إِنِّي أَرَى فِيها بَيْضآءَ حِكْمَتِكَ وَأَنْوارَ تَدْبِيرِكَ، وَالَّذِينَ احْتَجَبُوا ظَنُّوا بِأَنَّهُمْ مُطْفِئُ نُورِكَ وَمُخْمِدُ نارِكَ وَمُرْكِدُ أَرْياحِ فَضْلِكَ، لا فَوَعِزَّتِكَ لَوْ لَمْ يَكنِ البَلايا حامِلَ حِكْمَتِكَ وَالقَضايا وَعاءَ تَدْبِيرِكَ لَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْنا وَلَوْ يَجْتَمِعُ أَهْلُ
السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَإِنِّي لَوْ أَذْكُرُ ما أَرَى مِنْ بَدائِعِ حِكْمَتِكَ لَيُقْطَعُ أَكْبادُ أَعْدائِكَ، فَسُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تَجْمَعَ أَحِبَّائَكَ عَلَى شَرِيعَةِ رِضائِكَ ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ ما يُطَمْئِنُهُمْ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.
(12)
سُبْحانَكَ يا إِلهِي هذا عَبْدُكَ الَّذِيْ شَرِبَ خَمْرَ رَحْمَتِكَ مِنْ أَيادِي فَضْلِكَ وَذاقَ طَعْمَ حُبِّكَ فِيْ أَيَّامِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَسْمائِكَ الَّتِيْ لا تَمْنَعُهَا الأَحْزانُ عَنِ الشَّغَفِ فِيْ حُبِّكَ وَالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ، وَلا يَمْنَعُهُمْ جُنُودُ الغافِلِينَ عَنْ سَبِيلِ رِضائِكَ بِأَنْ تَرْزُقَهُ خَيْرَ ما عِنْدِكَ وَعَرِّجْهُ إِلى المَقامِ الَّذِيْ يَرَى الدُّنْيا كَظِلٍّ يَمُرُّ فِيْ أَقْرَبِ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ، ثُمَّ احْفَظْهُ يا إِلهِي بِعَظَمَتِكَ الكبْرَى عَنْ كُلِّ ما يَكْرَهُهُ رِضاكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ مَوْلاهُ وَمَوْلَى العالَمِينَ.
(13)
سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَرَى كُلَّ ذِي اسْتِقامَةٍ حَرَّكَتْهُ أَرْياحُ الامْتِحانِ، وَكُلَّ ذِي اسْتِقْرارٍ انْقَلَبَتْهُ نَفَحاتُ الافْتِتانِ، إِلاَّ الَّذِينَ أَخَذُوا خَمْرَ الحَيَوانِ مِنْ يَدِ مَظْهَرِ اسْمِكَ الرَّحْمنِ،
أُولئِكَ لا يُؤَثِّرُ فِيهِمْ كَلِمَةٌ إِلاَّ كَلِمَتُكَ العُلْيا وَما تَجْذِبُهُمْ إِلاَّ نَفَحاتُ قَمِيصِ ذِكْرِكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ وَفاطِرَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، أَسْئَلُكَ يا مُؤْنِسَ البَهآءِ بِاسْمِكَ الأَبْهَى بِأَنْ تَحْفَظَ هَؤُلٓاءِ فِيْ ظِلِّ جَناحِ رَحْمَتِكَ الكُبْرَى لِئَلاَّ يَرِدَ عَلَيْهِمْ سِهامُ الإِشاراتِ مِنْ أَشْقِياءِ خَلْقِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِكَ، أَيْ رَبِّ لا يَمْنَعُ قُدْرَتَكَ مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها وَلا يَرُدُّ مَشِيَّتَكَ مَنْ فِيْ مَلَكُوتِ الأَسْمآءِ، فَأَظْهِرْ فِيْ الأَرْضِ سَلْطَنَتَكَ وَاقْتِدارَكَ وَعَلِّمْ أَحِبَّتَكَ ما يَنْبَغِي لَهُمْ فِيْ أَيَّامِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ العَظِيمُ.
(14)
سُبْحانَكَ يا إِلهِي تَرَى عَجْزِي وَفَقْرِي وَتَشْهَدُ ضُرِّيْ وَابْتِلائِي، إِلى مَ تَرَكْتَنِي بَيْنَ عِبادِكَ فَأَصْعِدْنِي إِلَيْكَ، فَوَعِزَّتِكَ إِنَّ البَلايا أَحَاطَتْنِي عَلَى شَأْنٍ لا أَقْدِرُ أَنْ أَذْكُرَها تِلْقآءَ وَجْهِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ أَحْصَيْتَها بِعِلْمِكَ، أَسْئَلُكَ يا مُؤْنِسِي فِيْ وَحْدَتِي بِأَنْ تُنْزِلَ عَلَى أَحِبَّائِكَ مِنْ سَحابِ رَحْمَتِكَ ما يَجْعَلُهُمْ أَرْضِياءَ مِنْكَ وَمُقْبِلِينَ إِلَيْكَ وَمُنْقَطِعِينَ عَمَّنْ سِواكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لَهُمْ كُلَّ خَيْرٍ أَحاطَهُ عِلْمُكَ وَقُدِّرَ فِيْ كِتابِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الَّذِيْ لا يُعْجِزُكَ شَيْءٌ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِيْ عُلُوِّ الرِّفْعَةِ وَالاقْتِدارِ وَسُمُوِّ
العَظَمَةِ وَالاجْتِبارِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ الْعَزِيزُ الغَفَّارُ، وَالحَمْدُ لَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الأَرَضِيْنَ وَالسَّمواتِ.
(15)
يا رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّماءِ وَمُوجِدَ الأَسْماءِ، تَسْمَعُ ضَجِيجَ الأَبْهى مِنْ حِصْنِ العَكَّا وَتَرَى أَحِبَّائَهُ الأُسَرآءَ بِأَيْدِي الأَشْقِيآءِ، أَيْ رَبِّ لَكَ الحَمْدُ بِما وَرَدَ عَلَيْنا فِيْ سَبِيلِكَ، يا لَيْتَ قَدَّرْتَ لِظاهِرِ جَسَدِي عُمْرَ الأَوَّلِيْنَ وَالآخِرِينَ، بَلْ ما لا يُحْصِيهِ أَحَدٌ مِنْ العالَمِينَ، وَنَزَّلْتَ فِيْ كُلِّ آنٍ بَلاءً جَدِيدًا فِيْ حُبِّكَ وَرِضائِكَ، وَلكِنْ يا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي ما أَرَدْتُ إِلاَّ ما أَردْتَ وَقَضَيْتَ لِي بِأَنْ أَرْتَقِيَ إِلَى الرَّفِيقِ الأَبْهى وَالمَلَكُوتِ الأَسْنَی، أَيْ رَبِّ قَرِّبْهُ بِفَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَى أَحِبَّتِكَ ما لا يَضْطَرِبُهُمْ بَعْدِي، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ، أَيْ رَبِّ تَرَى بِأَنَّ أَحِبَّائَكَ خَرَجُوا عَنْ دِيارِهِمْ شَوْقًا لِلِقائِكَ وَمَنَعَهُمُ المُشْرِكُونَ عَنْ زِيارَةِ طَلْعَتِكَ وَالطَّوافِ حَوْلَ حَرَمِ كِبْرِيائِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ صَبْرًا مِنْ عِنْدِكَ، وَسُكُونًا مِنْ لَدُنْكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
(16)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى عَبَراتِي وَزَفَراتِي وَتَسْمَعُ حَنِينِي وَعَوِيلِي وَضَجِيجِي، أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِيْ تَمَسَّكْتُ بِحَبْلِ رَحْمَتِكَ الَّتِيْ سَبَقَتِ الأَشْياءَ كُلَّها وَتَشَبَّثْتُ بِذَيْلِ عِنايَتِكَ، يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ فَارْحَمْنِي وَمَنْ مَعِي بِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ وَقُوَّتِكَ، ثُمَّ احْفَظْنا يا إِلهِي مِنْ شَرِّ أَعْدائِكَ، ثُمَّ اجْعَلْنا ناصِرِينَ لِدِينِكَ وَحافِظِينَ لأَمْرِكَ وَناطِقِينَ بِثَنائِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِيْ عُلُوِّ تَوْحِيدِكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما قَدْ كُنْتَ، لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِكَ مِنْ شَيْءٍ وَلا يُعْجِزُكَ مِنْ شَيْءٍ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُعْتَمَدُ المُتَعالِي الْعَزِيزُ الْمَحْبُوبُ، وَالْحَمْدُ وَالشُّكْرُ لَكَ يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الوُجُودِ.
(17)
سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهَ السَّماءِ زَيِّنْ رَأْسَ البَهآءِ بِتاجِ الشَّهادَةِ فِيْ سَبِيلِكَ، كما زَيَّنْتَ هَيْكَلَهُ بِطِرازِ البَلآءِ بَيْنَ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، وَقَرِّبِ المُشْتاقِينَ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ الَّذِيْ أَشْرَقَ مِنْهُ شَمْسُ جَمالِكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لَهُمْ ما يَجْعَلُهُمْ غَنِيًّا عَمَّا سِواكَ، وَمُنْقَطِعًا عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِآياتِكَ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.
(18)
سُبْحانَكَ يا إِلهِي كَيْفَ أَشْكُرُكَ بِما اخْتَصَصْتَنِي بَيْنَ عِبادِكَ، وَاصْطَفَيْتَنِي لِعِرْفانِ نَفْسِكَ بَعْدَ الَّذِيْ أَعْرَضَ كُلٌّ عَنْ جِمالِكَ، أَشْهَدُ يا إِلهِي لَوْ أُقْتَلُ فِيْ سَبِيلِكَ فِيْ كُلِّ حِينٍ أَلْفَ مَرَّةٍ لا يُعادِلُ بِقَلِيلِ ما أَعْطَيْتَنِي بِفَضْلِكَ، كُنْتُ نائمًا فِيْ رَقْدِ الهَوى أَيْقَظْتَنِي بِنِدائِكَ الأَعْلى وَكَشَفْتَ لِي جَمالَكَ وَأَسْمَعْتَنِي آياتِكَ وَعَرَّفْتَنِي نَفْسَكَ وَأَنْطَقْتَنِي بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَجَعَلْتَنِي ثابِتًا فَيْ حُبِّكَ إِلى أَنْ صِرْتُ أَسِيرًا بِأَيْدِي الغافِلِينَ مِنْ عِبادِكَ، إِذًا تَرَى غُرْبَتِيْ فِيْ أَيَّامِكَ وَاشْتِياقِيْ بِلِقائِكَ وَشَوْقِيْ إِلى سَاحَةِ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ وَاهْتِزازِي مِنْ هُبُوبِ أَرْيَاحِ رَحْمَانِيَّتِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ مَمالِكَ الإِنْشآءِ وَسُلْطَانَ الأَسْمآءِ بِأَنْ تَكْتُبَ اسْمِي مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَزَلْ طَافُوا حَوْلَ سُرادِقِ مَجْدِكَ وَتَشَبَّثُوا بِذَيْلِ عِنايَتِكَ وَتَمَسَّكُوا بِحَبْلِ عُطُوفَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّومُ.